فصل: فصل صور المرابحة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل عبارات بيع المرابحة

لبيع المرابحة عبارات أكثرها دوراناً على الألسنة ثلاث‏.‏

إحداهن‏:‏ بعت بما اشتريت أو بما بذلت من الثمن وربح كذا‏.‏

الثانية‏:‏ بعت بما قام علي وربح كذا ويختلف حكم العبارتين فيما يدخل تحتهما وفيما يجب الإخبار عنه كما سنفصله إن شاء الله تعالى فإذا قال بعت بما اشتريت لم يدخل فيه سوى الثمن فإذا قال بما قام علي دخل فيه مع الثمن أجرة الكيال والدلال والحمال والحارس والقصار والرفاء والصباغ وقيمة الصبغ وأجرة الختان وتطيين الدار وسائر المؤن التي تلتزم للاسترباح وألحق بها كراء البيت الذي فيه المتاع وأما المؤن التي يقصد بها استبقاء الملك دون الاسترباح كنفقة العبد وكسوته وعلف الدابة فلا تدخل على الصحيح ويقع ذلك في مقابلة الفوائد المستوفاة من المبيع لكن العلف الزائد على المعتاد للتسمين يدخل وأجرة الطبيب إن اشتراه مريضاً كأجرة القصار فإن حدث المرض عنده فكالنفقة وفي مؤنة السائس تردد عند الإمام والأصح أنها كالعلف‏.‏

ولو قصر الثوب بنفسه أو كال أو حمل أو طين الدار بنفسه لم تدخل الأجرة فيه لأن السلعة إنما تعد قائمة عليه بما بذل وكذا لو كان البيت ملكه أو تبرع أجنبي بالعمل أو بإعارة البيت فإن أراد استدراك ذلك فطريقه أن يقول اشتريت أو قام علي بكذا وعملت فيه ما أجرته كذا وقد بعتكه بهما وربح كذا‏.‏

العبارة الثالثة‏:‏ بعتك برأس المال وربح كذا فالصحيح أنه كقوله بما اشتريت وقال القاضي أبو الطيب هو كقوله بما قام علي واختاره ابن الصباغ‏.‏

قال في التتمة المكس الذي يأخذه السلطان يدخل في لفظ القيام قال وفي دخول فداء العبد إذا جنى ففداه وجهان وقطع الجمهور بأن الفداء لا يدخل ولا ما أعطاه لمن رد المغصوب في شيء من الألفاظ‏.‏

فرع العبارات الثلاث تجري في المحاطة جريانها في المرابحة‏.‏

 فصل معرفة رأس المال عند المتبايعين مرابحة

ينبغي أن يكون رأس المال أو ما قامت به السلعة معلوما عند المتبايعين مرابحة فإن جهله أحدهما لم يصح العقد على الأصح كغير المرابحة فعلى هذا لو زالت الجهالة في المجلس لم ينقلب صحيحاً على الصحيح والثاني من الوجهين الأولين يصح لأن الثمن الثاني مبني على الأول ومعرفته سهلة فصار كالشفيع يطلب الشفعة قبل معرفة الثمن لسهولتها فعلى هذا في اشتراط زوال الجهالة في المجلس وجهان ومهما كان الثمن دراهم معينة غير معلومة الوزن ففي جواز بيعه مرابحة الخلاف المذكور الأصح البطلان‏.‏

 فصل بيع المرابحة مبني على الأمانة

فعلى البائع الصدق في الإخبار عما ولو اشترى بمائة وخرج عن ملكه ثم اشتراه بخمسين فرأس ماله خمسون ولا يجوز ضم الثمن الأول إليه ولو اشتراه بمائة وباعه بخمسين ثم اشتراه ثانياً بمائة فرأس ماله مائة ولا يجوز أن يضم إليه خسرانه أولاً فيخبر بمائة وخمسين ولو اشتراه بمائة وباعه بمائة وخمسين ثم اشتراه بمائة فإن باعه مرابحة بلفظ رأس المال أو بلفظ ما اشتريت أخبر بمائة وإن باعه بلفظ قام علي فوجهان أصحهما يخبر بمائة والثاني بخمسين‏.‏

فرع يكره أن يواطىء صاحبه فيبيعه بما اشتراه ثم يشتريه منه بأكثر ليخبر به في المرابحة فإن فعل ذلك قال ابن الصباغ ثبت للمشتري الخيار‏.‏

وخالفه غيره‏.‏

قلت‏:‏ ممن خالفه صاحب المهذب وغيره وقول ابن الصباغ أقوى والله أعلم‏.‏

فرع لو اشترى سلعة ثم قبل لزوم العقد ألحقا بالثمن زيادة أو نقصاً وصححناه فالثمن ما استقر عليه العقد وإن حط عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد وباع بلفظ ما اشتريت لم يلزمه حط المحطوط عنه وإن باع بلفظ قام علي لم يخبر إلا بالباقي فإن حط الكل لم يجز بيعه مرابحة بهذا اللفظ ولو حط عنه بعض الثمن بعد جريان المرابحة لم يلحق الحط المشترى منه على الصحيح وفي وجه يلحق كما في التولية والإشراك‏.‏

فرع لو اشترى شيئاً بعرض وباعه مرابحة بلفظ الشراء أو بلفظ القيام ذكر أنه اشتراه بعرض قيمته كذا ولا يقتصر على ذكر القيمة وإن اشتراه بدين على البائع فإن كان مليئاً غير مماطل لم يجب الإخبار به وإن كان مماطلاً وجب‏.‏

فرع يجوز أن يبيع مرابحة بعض ما اشتراه ويذكر قسطه من الثمن وكذا لو اشترى قفيزي حنطة ونحوها وباع أحدهما مرابحة ولو اشترى عبدين أو ثوبين وأراد بيع أحدهما مرابحة‏.‏

فطريقه أن يعرف قيمة كل واحد منهما يوم الشراء ويوزع الثمن على القيمتين ثم يبيعه بحصته من الثمن‏.‏

فرع وجوب الإخبار بالعيوب الحادثة يجب الإخبار بالعيوب الحادثة في يده سواء حدث العيب بآفة سماوية أو بجنايته أو بجناية غيره ولو اطلع على عيب قديم فرضي به ذكره في المرابحة

ولو تعذر رده بعيب حادث وأخذ الأرش فإن باعه بلفظ قام علي حط الأرش وإن باع بلفظ ما اشتريت ذكر ما جرى به العقد والعيب وأخذ الأرش‏.‏

ولو أخذ أرش جنايته ثم باعه فإن باع بلفظ ما اشتريت ذكر الثمن والجناية وإن باع بلفظ قام علي فوجهان أحدهما أنه كالكسب والزيادات والمبيع قائم عليه بتمام الثمن وأصحهما يحط الأرش من الثمن كأرش العيب والمراد من الأرش هنا قدر النقص لا المأخوذ بتمامه‏.‏

فإذا قطعت يد العبد وقيمته مائة فنقص ثلاثين أخذ خمسين من الجاني وحط من الثمن ثلاثين لا خمسين هذا هو الصحيح وفي وجه يحط جميع المأخوذ من الثمن وهو شاذ ولو نقص من القيمة أكثر من الأرش المقدر حط ما أخذ من الثمن وأخبر عن قيامه عليه بالباقي وأنه نقص من قيمته كذا‏.‏

فرع لو اشتراه بغبن لزم الإخبار به على الأصح عند الأكثرين واختار الإمام والغزالي أنه لا يلزم ولو اشترى من ابنه الطفل وجب الإخبار به لأن الغالب في مثله الزيادة نظرا للطفل ودفعاً للتهمة ولو اشترى من أبيه أو إبنه الرشيد لم يجب الإخبار به على الأصح باتفاقهم كالشراء من زوجته فرع لو اشتراه بثمن مؤجل وجب الإخبار به على الصحيح‏.‏

فرع لا يجب الإخبار بوطء الثيب ولا مهرها الذي أخذه ولا الزيادات المنفصلة كالولد واللبن والصوف والثمرة ولو كانت حاملا يوم الشراء أو كان في ضرعها لبن أو على ظهرها صوف أو على النخلة طلع فاستوفاها حط بقسطها من الثمن وهذا في الحمل بناء على أنه يأخذ قسطاً من الثمن‏.‏

 فصل الشراء بمائة والبيع مرابحة

لو قال‏:‏ اشتريت بمائة وباعه مرابحة ثم بان أنه اشتراه بتسعين بإقراره أو ببينة فالبيع صحيح على الصحيح‏.‏

فعلى هذا كذبه ضربان خيانة وغلط وفي الضربين قولان أظهرهما يحكم بسقوط الزيادة وحصتها من الربح والثاني لا تسقط فإن قلنا بالسقوط ففي ثبوت الخيار للمشتري طريقان أصحهما على قولين أظهرهما لا خيار الثاني يثبت والطريق الثاني إن بان كذبه بالبينة فله الخيار وإن بان بالإقرار فلا لأنه إذا ظهر بالبينة لا يؤمن خيانة أخرى والإقرار يشعر بالأمانة فإن قلنا لا خيار أو قلنا به فأمسك بما بقي بعد الحط فهل للبائع خيار وجهان وقيل قولان أصحهما لا وقيل الوجهان في صورة الخيانة‏.‏

وأما في صورة الغلط فله الخيار قطعاً وإن قلنا بعدم السقوط فللمشتري الخيار إلا أن يكون عالما بكذب البائع فيكون كمن اشترى معيباً وهو يعلمه وإذا ثبت الخيار فقال البائع لا تفسخ فإني أحط عنك الزيادة ففي سقوط خياره وجهان وجميع ما ذكرناه إذا كان المبيع باقياً فأما إذا ظهر الحال بعد هلاك المبيع فقطع الماوردي بسقوط الزيادة وربحها والأصح طرد القولين‏.‏

قلت‏:‏ هذا الذي قطع به الماوردي نقله صاحب المهذب والشاشي عن أصحابنا مطلقاً والله أعلم‏.‏

فإن قلنا بالسقوط فلا خيار للمشتري وأما البائع فإن لم يثبت له الخيار عند بقاء السلعة فكذا هنا وإلا فيثبت هنا وإن قلنا بعدم السقوط فهل للمشتري الفسخ وجهان أصحهما لا كما لو علم العيب بعد تلف المبيع لكن يرجع بقدر التفاوت وحصته من الربح كما يرجع بأرش العيب ولو اشتراه بمؤجل فلم يبين الأجل لم يثبت في حق المشتري الثاني ولكن له الخيار وكذا إذا ترك شيئاً آخر مما يجب ذكره قال الغزالي إذا لم يخبر عن العيب ففي استحقاق حط قدر التفاوت القولان في الكذب ولم أر لغيره تعرضا لذلك فإن ثبت الخلاف فالطريق على قول الحط النظر إلى القيمة وتقسيط الثمن عليها‏.‏

قلت‏:‏ المعروف في المذهب أنه لا حط بذلك ويندفع الضرر عن المشتري بثبوت الخيار والله أعلم‏.‏

فرع إذا كذب بالنقصان فقال كان الثمن أو رأس المال أو ما السلعة مائة وباع مرابحة ثم قال غلطت إنما هو مائة وعشرة فينظر إن صدقه المشتري فوجهان أحدهما يصح البيع كما لو غلط بالزيادة وبه قطع الماوردي والغزالي في الوجيز وأصحهما عند الإمام والبغوي لا يصح لتعذر إمضائه‏.‏

قلت‏:‏ الأول أصح وبه قطع المحاملي والجرجاني وصاحب المهذب والشاشي وخلائق والله أعلم

فإن قلنا بالأول فالأصح‏:‏ أن الزيادة لا تثبت لكن للبائع الخيار والثاني أنها ثبت مع ربحها وللمشتري الخيار وإن كذبه المشتري فله حالان أحدهما أن لا يبين للغلط وجها محتملا فلا يقبل قوله ولو أقام بينة لم تسمع فلو زعم أن المشتري عالم بصدقه وطلب تحليفه أنه لا يعلم فه له ذلك وجهان‏.‏

قلت‏:‏ أصحهما له تحليفه وبه قطع المحاملي في المقنع وغيره والله أعلم‏.‏

فإن قلنا‏:‏ يحلفه فنكل ففي رد اليمين على المدعي وجهان قلت أصحهما ترد والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا‏:‏ يحلف المشتري حلف على نفي العلم فإن حلف أمضي العقد على ما حلف عليه وإن نكل ورددنا اليمين فالبائع يحلف على القطع وإذا حلف فلمشتري الخيار بين إمضاء العقد بما حلف عليه وبين الفسخ كذا أطلقوه ومقتضى قولنا إن اليمين المردودة مع نكول المدعى عليه كالإقرار أن يعود فيه ما ذكرنا في حالة التصديق‏.‏

الحال الثاني‏:‏ أن يبين للغلط وجها محتملا بأن يقول إنما اشتراه وكيلي وأخبرت أن الثمن مائة فبان خلافه أو ورد علي منه كتاب فبان مزوطا أو كنت راجعت جريدتي فغلطت من ثمن متاع إلى غيره فتسمع دعواه للتحليف وقيل بطرد الخلاف في التحليف فإن قلنا لا يحلف لم تسمع بينته وإلا سمعت على الأصح‏.‏

 فصل القول في المرابحة

بعتك بكذا قوله في المرابحة بعتك بكذا يقتضي أن يكون الربح من جنس الأول ولكن يجوز جعل الربح من غير جنس الأصل ولو قال اشتريت بكذا وبعتك به وربح درهم على كل عشرة فالربح يكون من نقد البلد لإطلاقه الدراهم ويكون الأصل مثل الثمن سواء كان من نقد البلد أو غيره‏.‏

 فصل لو اتهب بغير عوض لم يجز بيعه مرابحة

إلا أن يبين القيمة ويبيع بها مرابحة ولو اتهب بشرط الثواب ذكره وباع به مرابحة وإذا أجر دارا بعبد أو نكحت على عبد أو خالعها على عبد أو صالح من دم عليه لم يجز بيع العبد مرابحة بلفظ الشراء ويجوز بلفظ قام علي ويذكر في الإجارة أجرة مثل الدار وفي النكاح والخلع مهر المثل وفي الصلح الدية‏.‏

 فصل صور المرابحة

أطبقوا على تصوير المرابحة فيما إذا قال بعتك بما اشتريت وربح كذا وبما قام علي ولم يذكروا فيه خلافاً وذكروا فيما إذا قال أوصيت له بنصيب ابني وجها أنه لا يصح وإنما يصح إذا قال بمثل نصيب ابني فكأنهم اقتصروا هنا على الأصح وإلا فلا فرق بين البابين‏.‏

قلت هذا التأويل خلاف مقتضى كلامهم والفرق ظاهر فإن السابق إلى الفهم من قوله بما اشتريت أن معناه بمثل ما اشتريت وحذفه اختصار ولا يظهر هذا التقدير في الوصية والله أعلم

القسم الثالث‏:‏ فيما يطلق من الألفاظ في المبيع وهي ستة‏.‏

الأول‏:‏ لفظ الأرض وفي معناها البقعة والساحة والعرصة فإذا قال بعتك هذه الأرض وكان فيها أبنية وأشجار نظر إن قال دون ما فيها من الشجر والبناء لم تدخل الأشجار والأبنية في البيع وإن قال بما فيها دخلت وكذا إن قال بعتكها بحقوقها على الصحيح فإن أطلق فنص هنا أنها تدخل ونص فيما لو رهن الأرض وأطلق أنها لا تدخل وللأصحاب طرق أصحها عند الجمهور تقرير النصين والثاني فيهما قولان والثالث القطع بعدم الدخول فيهما قاله ابن سريج واختاره الإمام والغزالي‏.‏

 فصل الزرع ضربان الأول

ما يؤخذ دفعة واحدة كالحنطة والشعير فلا يدخل في مطلق بيع الأرض ويصح بيع الأرض المزروعة على المذهب كما لو باع داراً مشحونة بأمتعته وقيل يخرج على القولين في بيع المستأجرة فإذا قلنا بالمذهب فللمشتري الخيار إن جهل الحال بأن كانت رؤية الأرض سابقة على البيع وإلا فلا وهل يحكم بمصير الأرض في يد المشتري ودخولها في ضمانه إذا خلى البائع بينه وبينها وجهان أحدهما لا لأنها مشغولة فاشتبهت المشحونة بأمتعته وأصحهما نعم لحصول تسليم الرقبة المبيعة ويخالف الدار فإن تفريغها ممكن في الحال وقد سبق فيها خلاف‏.‏

فرع إذا كان في الأرض جزر أو فجل أو سلق أو ثوم الأرض كالحنطة‏.‏

واعلم أن كل زرع لا يدخل عند الإطلاق لا يدخل وإن قال بحقوقها‏.‏

فرع المشتري لا يقطع زرعه في الحال لا يؤمر المشتري بقطع زرعه في الحال بل له تركه فعند وقت الحصاد يؤمر بالقطع و التفريغ وعليه تسويه الأرض وقلع العروق التي يضر بقاؤها الأرض كعروق الذرة تشبيها بما إذا كان في الدار أمتعة لا يتسع لها باب الدار فإنه ينقض وعلى البائع ضمانه‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ ما تؤخذ ثمرته مرة بعد أخرى في سنتين أو أكثر كالقطن الحجازي والنرجس والبنفسج فالظاهر من ثمارها عند بيع الأرض يبقى للبائع وفي دخول الأصول الخلاف السابق في الأشجار وحكي وجه في النرجس والبنفسج أنهما من الضرب الأول وأما ما يجز مراراً كالقت والقصب والهندباء والنعنع والكرفس والطرخون فتبقى جزتها الظاهرة عند البيع للبائع وفي دخول الأصول الخلاف وعن الشيخ أبي محمد القطع بدخولها في بيع الأرض وإذا قلنا بدخولها فليشترط على البائع قطع الجزة الظاهرة لأنها تزيد ويشتبه المبيع بغيره وسواء كان ما ظهر بالغا أوان الجز أم لا قال في التتمة إلا القصب فلا يكلف قطعه إلا أن يكون ما ظهر قدراً ينتفع به ولو كان في الأرض أشجار خلاف تقطع من وجه الأرض فهي كالقصب‏.‏

ففي البذر الكامن مثل التفصيل المذكور في الزرع فالبذر الذي لا ثبات لنباته ويؤخذ دفعة واحدة لا يدخل في بيع الأرض ويبقى إلى أوان الحصاد وللمشتري الخيار إن كان جاهلا به فإن تركه البائع له سقط خياره وعليه القبول ولو قال آخذه وأفرغ الأرض سقط الخيار أيضاً إن أمكن ذلك في زمن يسير والبذر الذي يدوم كنوى النخيل والجوز واللوز وبذر الكراث ونحوه من البقول حكمه في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار وجميع ما ذكرنا في المسألتين هو فيمن أطلق بيع الأرض فأما إن باعها مع الزرع أو البذر فسنذكره في اللفظ السادس إن شاء الله تعالى‏.‏

 فصل في حكم الحجارة

الحجارة إن كانت مخلوقة في الأرض أو مثبتة دخلت في بيع فإن كانت تضر بالزرع والغرس فهو عيب إن كانت الأرض تقصد لذلك وفي وجه ضعيف أنه ليس بعيب وإنما هو فوات فضيلة وإن كانت مدفونة فيها لم تدخل في البيع كالكنوز والأقمشة في الدار ثم إن كان المشتري عالماً به فلا خيار له في فسخ العقد وله إجبار البائع على القلع والنقل تفريغاً لملكه بخلاف الزرع فإن له أمدا ينتظر ولا أجرة للمشتري في مدة القلع والنقل وإن طالت كما لو اشترى داراً فيها أقمشة يعلمها فلا أجرة له في مدة نقلها ويجب أحدها‏:‏ أن لا يكون في قلعها ولا في تركها ضرر بأن لا يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدة لمثلها أجرة ولا تنقص الأرض بها فللبائع النقل وعليه تسوية الأرض ولا خيار للمشتري وله إجبار البائع على النقل على الصحيح وفي وجه لا يجبره والخيار للبائع‏.‏

الحال الثاني‏:‏ أن لا يكون في قلعها ضرر ويكون في تركها ضرر فيؤمر البائع بالنقل ولا خيار للمشتري كما لو اشترى داراً فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال أو كانت منسدة البالوعة فقال البائع أنا أصلحه وأنقيها لا خيار للمشتري‏.‏

الحال الثالث‏:‏ أن يكون القلع والترك مضرين فللمشتري الخيار سواء جهل أصل الأحجار أو كون قلعها مضراً‏.‏

ولا يسقط خياره بترك البائع الأحجار لأن لقاءها مضر وهل يسقط بقول البائع لا تفسخ لأغرم لك أجرة المثل مدة النقل وجهان أصحهما لا كما لو قال البائع لا تفسخ بالعيب لأغرم لك الأرش ثم إن اختار المشتري إمضاء البيع لزم البائع النقل وتسوية الأرض سواء كان النقل قبل القبض أو بعده وهل تجب أجرة المثل لمدة النقل بني على أن جناية البائع قبل القبض كآفة سماوية أم كجناية الأجنبي إن قلنا بالأول لم تجب وإلا فهو كما لو نقل بعد القبض‏.‏

وإن كان النقل بعد القبض ففي وجوبها وجهان أصحهما عند الأكثرين تجب كما لو جنى على المبيع بعد القبض عليه ضمانه وإن اختصرت قلت في الأجرة أوجه أصحها ثالثها إن كان النقل قبل القبض لم الحال الرابع‏:‏ أن يكون في قلعها ضرر وليس في تركها ضرر فللمشتري الخيار فإن أجاز ففي وجوب الأجرة والأرش ما سبق ولا يسقط خياره بقول البائع اقلع وأغرم الأجرة أو أرش النقص قاله في التهذيب ويجيء فيه الخلاف المذكور في الحالة الثالثة‏.‏

ولو رضي بترك الأحجار في الأرض سقط خيار المشتري ثم ينظر إن قال‏:‏ تركتها للمشتري فهل هو تمليك للمشتري أم مجرد إعراض لقطع الخصومة وجهان كالوجهين في ترك نعل الدابة المردودة بالعيب أصحهما الثاني فإن قلنا بالأول فلو قلعها المشتري يوماً فهي له‏.‏

ولو أراد البائع الرجوع فيها لم يكن له وإن قلنا بالثاني فهي للبائع فلو أراد الرجوع قال الأكثرون له ذلك ويعود خيار المشتري وقال الإمام لا رجوع له ويلزمه الوفاء بالترك وإن قال وهبتها لك واجتمعت شرائط الهبة حصل الملك وقيل بطرد الخلاف فإن لم تجتمع ففي صحتها للضرورة وجهان فإن صححنا ففي حصول الملك ما ذكرنا في لفظ الترك وجميع ما ذكرنا إذا كانت الأرض بيضاء أما إذا كان فيها غراس فينظر إن كان حاصلاً يوم البيع واشتراه مع الأرض فنقصان الغراس وتعيبه بالأحجار كتعيب الأرض في إثبات الخيار وسائر الأحكام وإن أحدثه المشتري عالماً بالأحجار فللبائع قلعها وليس عليه ضمان نقص الغراس وإن أحدثه جاهلاً لم يثبت الخيار على الأصح لأن الضرر راجع إلى غير المبيع فإن كانت الأرض تنقص أيضاً بالأحجار نظر إن لم يحصل بالغرس وقلع المغروس نقص في الأرض فله القلع والفسخ وإن حصل فلا خيار في الفسخ إذ لا يجوز رد المبيع ناقصاً لكن يأخذ الأرش وإذا قلع البائع فنقص الغراس لزمه أرش النقص بلا خلاف أما إذا كان فوق الأحجار زرع للبائع أو للمشتري ففي التهذيب أنه يترك إلى أوان الحصاد لأن له غاية منتظرة بخلاف الغراس ومنهم من سوى بينه وبين الغراس‏.‏

قلت‏:‏ الأصح قول صاحب التهذيب وقد وافقه جماعة قال صاحب الإبانة إذا قلع البائع الأحجار بعد الحصاد فعليه تسوية الأرض والله أعلم‏.‏

فرع الأجرة في مدة بقاء الزرع هل له الأجرة في مدة بقاء الزرع قطع الجمهور بأن لا وقيل وجهان الأصح لا أجرة وتقع تلك المدة مستثناة كمن باع داراً مشحونة بأمتعة لا يستحق المشتري أجرة لمدة التفريغ‏.‏

فرع تكلم إمام الحرمين في أن الأصحاب رحمهم الله لم يوجبوا على هادم الجدار إعادته بل أوجبوا أرشه وأوجبوا تسوية الحفر على البائع والغاصب وأجاب عنه بأن طم الحفر لا يكاد يتفاوت وهيآت الأبنية تتفاوت فشبه الطم بذوات الأمثال والجذار بذوات القيم حتى لو رفع لبنة أو لبنتين من رأس جدار وأمكن الرد من غير خلل في الهيئة فهو كطم الحفر وفي وجوب إعادة الجدار واللفظ الثاني‏:‏ البستان والباغ بالغين المعجمة وهو بمعنى البستان فإذا قال بعتك هذا الباغ أو البستان دخل في البيع الأرض والأشجار والحائط وفي دخول البناء الذي فيه ما سبق في دخوله في لفظ الأرض وفي العريش الذي توضع عليه القضبان تردد للشيخ أبي محمد والظاهر عند الإمام دخوله وذكروا أن لفظ الكرم كلفظ البستان لكن العادة في نواحينا إخراج الحائط عن مسمى الكرم وإدخاله في مسمى البستان ولكن لا يبعد أن يكون الحكم على ما استمر الاصطلاح عليه ولو قال هذه الدار البستان دخل الأبنية والأشجار جميعاً ولو قال هذا الحائط البستان أو هذه المحوطة دخل الحائط المحوط وما فيه من الأشجار وفي البناء الخلاف السابق كذا ذكره في التهذيب ولا يظهر في لفظ المحوطة فرق بين الأبنية والأشجار فليدخلا أو ليكونا على الخلاف‏.‏

فرع لو قال بعتك هذه القرية دخلت الأبنية والساحات التي يحيط بها السور وفي الأشجار وسطها الخلاف الصحيح دخولها وفي المزارع ثلاثة أوجه الصحيح الذي عليه الجمهور لا تدخل سواء قال بحقوقها أم لا بل لا تدخل إلا بالنص على المزارع والثاني قاله إمام الحرمين تدخل والثالث قاله ابن كج إن قال بحقوقها دخلت وإلا فلا‏.‏

اللفظ الثالث‏:‏ الدار فإذا قال بعتك هذه الدار دخلت الأرض والأبنية جميعها حتى يدخل الحمام المعدود من مرافقها وحكي عن نصه أن الحمام لا يدخل وحملوه على حمامات الحجاز وهي بيوت من خشب تنقل ولو كان في وسطها شجر ففي دخوله الخلاف السابق في لفظ الأرض ونقل الإمام في دخولها ثلاثة أوجه ثالثها إن كثرت بحيث يجوز تسمية الدار بستاناً لم تدخل وإلا دخلت‏.‏

وأما الآلات في الدار فثلاثة أضرب‏.‏

أحدها‏:‏ المنقولات كالدلو والبكرة والرشاء والمجارف والسرر والرفوف الموضوعة على الأوتاد والسلالم التي لم تسمر ولم تطين والأقفال والكنوز والدفائن فلا يدخل شيء منها‏.‏

وفي مفتاح المغلاق المثبت وجهان أصحهما يدخل ويجري الوجهان في ألواح الدكاكين وفي الأعلى من حجري الرحى‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ ما أثبت تتمة للدار ليبقى فيها كالسقف والأبواب المنصوبة وما عليها من الأغلاق والحلق والسلاسل والضبات فتدخل قطعاً‏.‏

الضرب الثالث‏:‏ ما أثبت على غير هذا الوجه كالرفوف والدنان والأجانات المثبتة والسلالم المسمرة والأوتاد المثبتة في الأرض أو في الجدار والأسفل من حجري الرحى وخشب القصار ومعجن الخباز فيدخل كل ذلك على الأصح لثباتها‏.‏

وأشار إمام الحرمين إلى القطع بدخول الحجرين في البيع باسم الطاحونة وتدخل الأجانات المثبتة إذا باع باسم المدبغة والمصبغة وإن الخلاف إنما هو في البيع باسم الدار وفي التتمة ما يقتضي التسوية بين اسم الدار والمدبغة‏.‏

قلت‏:‏ ويجري الوجهان في قدر الحمام قاله في التتمة والله أعلم‏.‏

فرع لا تدخل مسايل الماء في بيع الأرض ولا يدخل فيه شربها والنهر المملوكين إلا أن يشرطه أو يقول بحقوقها وفي وجه لا يكفي ذكر الحقوق‏.‏

فرع لو كان في الدار المبيعة بئر ماء دخلت في البيع والماء الحاصل في البئر حال البيع لا يدخل على الصحيح وفي وجه يدخل كالثمرة التي لم تؤبر للعرف وإن شرط دخوله في البيع صح على قولنا الماء مملوك بل لا يصح البيع دون هذا الشرط وإلا اختلط الماء الموجود للبائع بماء يحدث للمشتري وانفسخ البيع‏.‏

قلت‏:‏ هذا الشرط على قولنا الماء مملوك فإن قلنا لا يملك صح البيع مطلقا بل لا يجوز شرطه وذكر الخلاف في الماء وفروعه يأتي في إحياء الموات إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع لو كان في الأرض معدن ظاهر أو الدار معدن ظاهر كالنفط والملح والقار فهو كالماء وإن كان باطناً كالذهب والفضة دخل في البيع إلا أنه لا يجوز بيع ما فيه معدن ذهب بالذهب بسبب الربا وفي بيعه بالفضة قولان للجمع بين الصرف والبيع في صفقة‏.‏

فرع بيع دار في طريق غير نافذ باع داراً في طريق غير نافذ دخل حريمها في البيع وفي دخول الأشجار الخلاف السابق وإن كان في طريق نافذ لم يدخل الحريم والأشجار في البيع بل لا حريم لمثل هذه الدار مما سنذكره في إحياء الموات إن شاء الله تعالى‏.‏

اللفظ الرابع‏:‏ العبد إذا ملك السيد عبده مالا لم يملكه على الأظهر فلو ملكه ثم باعه لم يدخل المال في البيع فإن باعه مع المال فإن قلنا لا يملك اعتبر في المال شروط المبيع حتى لو كان مجهولاً أو غائباً أو ديناً والثمن دين أو ذهباً والثمن ذهب لم يصح فلو كان ذهباً والثمن فضة أو عكسه ففيه قولا الجمع بين بيع وصرف وإن قلنا يملك فقد نص أن المال ينتقل إلى المشتري مع العبد وأنه لا بأس بجهالته وغيبته‏.‏

واختلفوا في سبب احتمال ذلك فقال الاصطخري لأن المال تابع ويحتمل في التابع ما لا يحتمل في الأصل كما يحتمل الجهل بحقوق الدار والأصح عند الأصحاب ما قاله ابن سريج وأبو إسحق أن المال ليس مبيعاً أصلاً ولا تبعاً ويكون شرطه تبقية له على العبد كما كان فللمشتري انتزاعه كما كان للبائع الانتزاع فعلى هذا لو كان الثمن ربويا والمال من جنسه فلا بأس وعلى الأول لا يجوز ولا يحتمل الربا في التابع كما لا يحتمل في الأصل‏.‏

فرع الثياب التي على العبد في دخولها في بيعه أوجه أصحها لا يدخل شيء منها والثاني تدخل والثالث يدخل ساتر العورة فقط ولا يدخل عذار الدابة في بيعها على الأصح كالسرج ويدخل النعل وبرة الناقة إلا أن يكون من ذهب‏.‏

اللفظ الخامس‏:‏ الشجر فإذا باع الشجرة مطلقاً دخلت الأغصان لكن لا يدخل الغصن اليابس في بيع الشجرة الرطبة لأن العادة قطعة كالثمار وقال في التهذيب ويحتمل أن يدخل كالصوف على الغنم وتدخل العروق والأوراق إلا أن شجرة الفرصاد إذا بيعت في الربيع وقد خرجت أوراقها ففي دخولها وجهان أصحهما الدخول كغير وقت الربيع‏.‏

وتدخل أوراق شجر النبق على المذهب وقيل كالفرصاد‏.‏

ولو باع شجرة يابسة نابتة لزم المشتري تفريغ الأرض منها للعادة وقال في التتمة لو شرط إبقاءها بطل البيع كما لو اشترى ثمرة مؤبرة وشرط عدم القطع عند الجداد وإن باعها بشرط القطع جاز وتدخل العروق في البيع عند شرط القلع ولا تدخل عند شرط القطع بل تقطع عن وجه الأرض وإن كانت الشجرة رطبة فباعها بشرط الإبقاء أو بشرط القلع اتبع الشرط وإن أطلق جاز الإبقاء للعادة وهل يدخل المغرس في البيع وجهان أصحهما لا لأن الاسم لا يتناوله فإن أدخلناه فانقلعت الشجرة أو قلعها المالك كان له غرس بدلها وله بيع المغرس وإلا فلا ويجري الوجهان فيما لو اشترى أرضا وشرط البائع لنفسه شجرة هل يبقى له المغرس أم لا‏.‏

قلت‏:‏ وإذا لم يدخل المغرس في الصورة الأولى فليس للبائع قلع الشجرة مجاناً وهل يجب عليه إبقاؤها ما أراد المشتري أم له قلعها بغير رضاه ويغرم ما نقص بالقلع كالعارية وجهان محكيان في النهاية و البسيط في كتاب الرهن أصحهما الأول والله أعلم‏.‏

 فصل في بيان الحال الذي تندرج فيه الثمرة

في بيع الشجرة النخل ذكور وإناث ومعظم المقصود من الذكور استصلاح الإناث بها والذي يبدو فيها أولا أكمة صغار ثم تكبر وتطول حتى تصير كأذان الحمر فإذا كبرت شققت فظهرت العناقيد في أوساطها فيذر فيها طلع الذكور ليكون رطبها أجود والتشقيق وذر الطلع فيها يسمى التأبير ويسمى التلقيح ثم الأكثرون يسمون الكمام الخارج كله طلعاً والإمام خص اسم الطلع بما يظهر من النور على العنقود عند تشقق الكمام ثم المتعهدون للنخل لا يؤبرون جميع الكمام بل يكتفون بتأبير البعض ويتشقق الباقي بنفسه وتنبث ريح الذكور إليه وقد لا يؤبر في الحائط شيء وتتشقق الأكمة بنفسها إلا أن رطبه لا يجيء جيدا وكذا الخارج من الذكور يتشقق بنفسه ولا يشقق غالباً فإذا باع نخلة عليها ثمرة فإن شرطت لأحدهما اتبع الشرط وإن أطلقا فإن كانت شققت أو تشققت بنفسها فهي للبائع وإلا فللمشتري وإن باع الذكور من النخل بعد تشقق طلعها فالطلع للبائع وإلأ فوجهان أصحهما للمشتري والثاني للبائع‏.‏

فرع ما عدا النخل من الشجر أقسام أحدها‏:‏ ما يقصد منه الورق كشجر الفرصاد وقد ذكرناه قال في البيان وشجر الحناء ونحوه يجوز أن يكون فيه خلاف كالفرصاد ويجوز أن يقطع بأنه إذا ظهر ورقه كان للبائع لأنه لا ثمر لها سوى الورق بخلاف الفرصاد فإن له ثمرة مأكولة‏.‏

أحدهما‏:‏ يخرج في كمام ثم يتفتح كالورد الأحمر فإذا بيع أصله بعد خروجه وتفتحه فهو للبائع كطلع النخل المتشقق إن بيع قبل تفتحه فللمشتري على الأصح‏.‏

والضرب الثاني‏:‏ يخرج ورده ظاهراً كالياسمين فإن خرج ورده فللبائع وإلا فللمشتري‏.‏

القسم الثالث‏:‏ ما يقصد منه الثمرة وهو نوعان ما تخرج ثمرته بارزة بلا قشر ولا كمام كالتين والعنب فهو كالياسمين والثاني ما تخرج بهما وهو ضربان‏.‏

أحدهما‏:‏ ما تخرج ثمرته في نور ثم يتناثر نوره فتبرز الثمرة بلا حائل كالمشمش والتفاح والكمثرى وشبهها فإن باع الأصل قبل انعقاد الثمرة انعقدت للمشتري وإن كان النور قد خرج وإن باعه بعد الانعقاد وتناثر النور فللبائع وإن باعه بعد الانعقاد وقبل تناثر النور فوجهان أصحهما وهو نصه أنها للمشتري والثاني للبائع‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ ما يبقى له حائل على الثمرة المقصودة وهو صنفان‏.‏

أحدهما‏:‏ له قشر واحد كالرمان فإذا بيع أصله وقد ظهر الرمان فهو للبائع وإلا فهو للمشتري‏.‏

والثاني‏:‏ ما له قشران كالجوز واللوز والفستق والرانج فإن باعها قبل خروجها فالذي يخرج للمشتري وإلا فللبائع ولا يعتبر مع ذلك تشقق القشر الأعلى على الأصح‏.‏

ثم من هذين الصنفين ما تخرج ثمرته في قشر بغير نور كالجوز والفستق ومنها ما تخرج في نور ثم يتناثر نوره كالرمان واللوز وما ذكرناه من حكمهما هو فيما إذا بيع الأصل بعد تناثر النور فإن بيع قبله عاد فيه الكلام السابق‏.‏

فرع القطن نوعان أحدهما له ساق يبقى سنين يثمر كل سنة وهو قطن الحجاز والشام والبصرة فهو كالنخل وإن بيع أصله قبل تشقق الجوزق فالثمر للمشتري وإلا فللبائع والثاني ما لا يبقى أكثر من سنة هو كالزرع إن باعه قبل خروج الجوزق أو بعده وقبل تكامل القطن وجب شرط القطع ثم إن لم يقطع حتى خرج الجوزق فهو للمشتري لحدوثه في ملكه قاله في التهذيب وإن باعه بعد تكامل القطن فإن تشقق الجوزق صح البيع مطقاً ودخل القطن في البيع بخلاف الثمرة المؤبرة لا تدخل لأن الشجرة مقصودة لثمار جميع الأعوام ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة وإن لم يتشقق لم يصح البيع على الأصح لأن المقصود مستور بما ليس من صلاحه بخلاف الجوز واللوز في القشر الأسفل‏.‏

فرع لا يشترط لبقاء الثمرة على ملك البائع التأبير في كل بل إذا باع نخلة أبر بعضها فالكل للبائع وإن باع نخلات أبر بعضها فقط فله حالان‏.‏

أحدهما‏:‏ أن يكون في بستان واحد فينظر إن اتحد النوع والصفقة فجميع الثمار للبائع وإن أفرد بالبيع غير المؤبر فالأصح أن الثمرة للمشتري والثاني للبائع اكتفاء بوقت التأبير عنه وإن اختلف النوع فالأصح أن الجميع للبائع وقال ابن خيران غير المؤبر للمشتري والمؤبر للجائع‏.‏

الحال الثاني‏:‏ أن تكون في بستانين فالمذهب أنه يستفرد كل بستان بحكمه وقيل هما كالبستان الواحد سواء تباعد البستانان أو تلاصقا‏.‏

فرع باع نخلة وبقيت الثمرة له ثم خرج طلع آخر من تلك من أخرى حيث يقتضي الحال اشتراكهما فوجهان أصحهما الطلع الجديد للبائع أيضاً لأنه من ثمرة العام وقال ابن أبي هريرة للمشتري لحدوثه في ملكه‏.‏

فرع جمع في صفقة ذكور النخل وإناثها له حكم الجمع بين نوعين الإناث‏.‏

فرع قال في التهذيب تشقق بعض جوز القطن كتشقق كله وما تشقق من الورد للبائع وما لم يتشقق للمشتر وإن كانا على شجرة واحدة ولا يتبع بعضه بعضا بخلاف النخل لأن الورد يجنى في الحال فلا يخاف اختلاطه قال ولو ظهر بعض التين والعنب فالظاهر للبائع وغيره للمشتري وفي هذه الصورة نظر‏.‏

 فصل باع الشجرة وبقيت الثمرة للبائع

إذا باع الشجرة وبقيت الثمرة للبائع فإن شرط القطع في الحال لزمه وإن أطلق فليس للمشتري تكليفه القطع في الحال بل له الإبقاء إلى أوان الجداد وقطاف العنب فإذا جاء وقت الجداد لم يمكن من أخذها على التدريج ولا أن يؤخرها إلى نهاية النضج ولو كانت الثمرة من نوع يعتاد قطعه قبل النضج كلف القطع على العادة ولو تعذر السقي لانقطاع الماء وعظم ضرر النخل ببقاء الثمرة فالأظهر أنه ليس له الإبقاء ولو أصاب الثمار آفة ولم يكن في تركها فائدة فهل له الإبقاء قولان وسقي الثمار عند الحاجة على البائع وعلى المشتري تمكينه من دخول البستان للسقي فإن لم يأتمنه نصب الحاكم أمينا للسقي ومؤنته على البائع وإذا كان السقي ينفع الثمار والأشجار فلكل واحد السقي وليس للآخر منعه وإن كان يضر بهما فليس لأحدهما السقي إلا برضى الآخر وإن أضر بالثمار ونفع الأشجار فأراد المشتري السقي فمنعه البائع فوجهان أحدهما له السقي وأصحهما أنه إن سامح أحدهما بحقه أقر وإلا فسخ البيع وإن أضر بالشجر والثاني للبائع السقي هذا نقل الجمهور وقال الإمام في الصورتين ثلاثة أوجه أحدها يجاب المشتري والثاني البائع والثالث يتساويان ولو كان السقي يضر بواحد وتركه يمنع حصول زيادة للآخر ففي إلحاقه بتقابل الضرر احتمالان عند الإمام ولو لم يسق البائع وتضرر المشتري ببقاء الثمار لامتصاصها رطوبة الشجر أجبر على السقي أو القطع فإن تعذر السقي لانقطاع الماء ففيه القولان السابقان‏.‏

قلت‏:‏ هذان القولان فيما إذا كان للبائع نفع في ترك الثمرة فإن لم يكن وجب القطع بلا خلاف كذا قاله الإمام وصاحب التهذيب والله أعلم‏.‏

اللفظ السادس‏:‏ الثمار وهي تباع بعد بدو الصلاح وقبله‏.‏

الحالة الأولى‏:‏ إذا بيعت بعد بدو الصلاح جاز مطلقا وبشرط إبقائها إلى وقت الجداد وبشرط القطع سواء كانت الأصول للبائع أم مشتري أم لغيرهما فإن أطلق فله الإبقاء إلى وقت الجداد ولا يجوز بيع الثمار بعد الصلاح مع ما يحدث بعدها‏.‏

الثانية‏:‏ إذا بيعت قبل بدو الصلاح فإما أن تباع مفردة عن الشجر وإما معه‏.‏

الضرب الأول‏:‏ المفردة وللأشجار صورتان‏.‏

إحداهما‏:‏ أن تكون للبائع الغلة أو للمشتري أو لغيرهما فلا يجوز بيع الثمار مطلقا ولا بشرط الإبقاء ويجوز بشرط القطع بالإجماع ولو كانت الكروم في بلاد شديدة البرد بحيث لا تنتهي ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحصرم فوجهان قال القفال يجوز بيعها بغير شرط القطع ويكون المعتاد كالمشروط ومنع الأكثرون ذلك ويجري الخلاف فيما لو جرت عادة قوم بانتفاع المرتهن بالمرهون حتى تنزل عادتهم على رأي منزله شرط الانتفاع ويحكم بفساد الرهن ولو باع بشرط القطع وجب الوفاء به فلو تراضيا على تركه فلا بأس ويكون بدو الصلاح ككبر العبد الصغير وإنما يجوز البيع بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفعاً به كالحصرم واللوز ونحوهما فأما ما لا منفعة فيه كالجوز والكمثرى فلا يصح بيعه بشرط القطع أيضاً‏.‏

الصورة الثانية‏:‏ أن تكون الأشجار للمشتري بأن يبيع إنسانا شجرة وتبقى الثمرة له ثم يبيعه الثمرة أو يوصي لإنسان بالثمرة فيبيعها لصاحب الشجرة ففي اشتراط القطع وجهان أصحهما عند الجمهور يشترط ولكن لا يلزمه الوفاء بالشرط هنا بل له الإبقاء إذ لا معنى تكليفه قطع ثماره عن أشجاره ولو باع شجرة عليها ثمرة مؤبرة فبقيت للبائع فلا حاجة إلى شرط القطع لأن المبيع هو الشجرة وهي غير متعرضة للعاهات والثمرة مملوكة له بحكم الدوام ولو كانت الثمرة غير مؤبرة فاستثناها لنفسه ففي وجوب شرط القطع وجهان أصحهها لا يجب لأنه في الحقيقة استدامة لملكها فعلى هذا له الإبقاء إلى وقت الجداد ولو صرح بشرط الإبقاء جاز قلت‏:‏ قال الإمام إذا قلنا يجب شرط القطع فأطلق فظاهر كلام الأصحاب أن الاستثناء باطل والثمرة للمشتري قال وهذا مشكل فإن صرف الثمرة إليه مع التصريح باستثنائها محال قال فالوجه عد الاستثناء المطلق شرطاً فاسداً مفسداً للعقد في الأشجار كاستثناء الحمل والله أعلم‏.‏

الضرب الثاني أن تباع الثمرة مع الشجر فيجوز من غير شرط القطع بل لا يجوز شرط القطع قلت لو قطع شجرة عليها ثمرة ثم باع الثمرة وهي عليها جاز من غير شرط القطع لأن الثمرة لا تبقى عليها فيصير كشرط القطع والله أعلم‏.‏

فرع لا يشترط للاستغناء عن شرط القطع بدو الصلاح في كلإذا باع ثمرة شجرة واحدة بدا الصلاح في بعضها صح من غير شرط القطع ولو باع ثمار أشجار بدا الصلاح في بعضها نظر إن اختلف الجنس لم يغير بدو الصلاح في جنس حكم جنس آخر فلو باع رطباً وعنباً بدا الصلاح في أحدهما فقط وجب شرط القطع في الآخر وإن اتحد الجنس فالكلام في اتحاد البستان وتعدده وإذا اتحد ففي بيعها صفقة واحدة وإفراد ما لم يبد فيه الصلاح بالبيع وحكم الأقسام كلها على ما سبق في التأبير بلا فرق حتى أن الأصح أنه لا تبعية عند الإفراد وأنه لا أثر لاختلاف النوع وأنه لا يتبع بستان بستاناً ولو بدا الصلاح في ملك غير البائع ولم يبد في ملكه فإن كانا في بستانين فلا عبرة به قطعاً وكذا إن كانا في بستان واحد على الأصح ويجري الوجهان فيما لو أبر ملك غير البائع في بستان واحد والأصح أنه لا يكون للمبيع حكم المؤبر‏.‏

فرع يحصل بدو الصلاح بظهور النضج ومبادئ الحلاوة وزوال العفوصة أو يتلون بأن يحمر أو يصفر أو يسود وهذه الأوصاف وإن عرف بها بدو الصلاح فليس واحد منها شرطاً فيه لأن القثاء لا يتصور فيه شيء منها بل يستطاب أكله صغيرا وكبيرا وإنما بدو صلاحه أن يكبر بحيث يجنى في الغالب ويؤكل وإنما يؤكل في الصغر على الندور وكذا الزرع لا يتصور فيه شيء منها وبدو صلاحه باشتداد الحب قال صاحب التهذيب بيع أوراق الفرصاد قبل تناهيها لا يجوز إلا بشرط القطع وبعده يجوز مطلقاً وبشرط القطع‏.‏

والعبارة الشاملة أن يقال بدو الصلاح في هذه الأشياء ضرورتها إلتي تطلب غالبا لكونها على الصفة‏.‏

بيع البطيخ قبل بدو صلاحه لا يصح‏.‏

فإن بدا الصلاح في كله أو بعضه نظر إن كان يخاف خروج غيره فلا بد من شرط القطع فإن شرط فلم يقطع حتى اختلط ففي انفساخ البيع قولان يأتي نظيرهما إن شاء الله تعالى وإن كان لا يخاف خروج غيره جاز بيعه من غير شرط القطع هذا إذا أفرد البطيخ بالبيع ووراءه حالتان‏.‏

إحداهما‏:‏ لو أفرد أصوله بالبيع قال العراقيون وغيرهم يجوز ولا حاجة إلى شرط القطع إذا لم يخف الاختلاط ثم الحمل الموجود يبقى للبائع وما يحدث يكون للمشترى وإن خيف اختلاط الحملين فلا بد من شرط القطع فإن شرط فلم يتفق حتى وقع الاختلاط فطريقان سنذكرهما في نظيره إن شاء الله تعالى ولو باع الأصول قبل خروج الحمل فلا بد من شرط القطع والقلع كالزرع الأخضر وإذا شرط ثم اتفق بقاؤه حتى خرج الحمل فهو للمشتري‏.‏

الحالة الثانية‏:‏ باع البطيخ مع أصوله قال الإمام والغزالي لا بد من شرط القطع لأن البطيخ مع أصوله متعرض للعاهة بخلاف الشجرة مع الثمرة فلو باع البطيخ مع الأرض استغني عن شرط القطع والأرض كالشجر ومقتضى ما ذكرناه في بيع الأصول وحدها إذا لم يخف الاختلاط أنه لا حاجة إلى شرط القطع والباذنجان ونحوه كالبطيخ في الأحوال الثلاث‏.‏

لابن الحداد‏:‏ لو باع نصف الثمار على رؤوس الشجر مشاعاً قبل الصلاح لم يصح وعللوه بأن هذا البيع يفتقر إلى شرط القطع ولا يمكن قطع النصف إلا بقطع الكل فيتضرر البائع بقطع غير المبيع فأشبه ما إذا باع نصفا معينا من سيف وما ذكروه من أن قطع النصف لا يمكن إلا بقطع الجميع إنما يستمر بتقدير دوام الإشاعة وامتناع القسمة‏.‏

أما إذا جوزنا قسمة الثمار الرطبة بناء على أنها إفراز فيمكن قطع النصف من غير قطع الجميع بأن يقسم أولا فليكن منع البيع مبنيا على القول بامتناع القسمة لا مطلقاً وعلى هذا يدل كلام ابن الحداد قال القاضي أبو الطيب وهو الصحيح‏.‏

ولو باع نصفها مع نصف النخل صح وكانت الثمار تابعة ولو كانت الثمرة لواحد والشجرة لآخر فباع صاحب الثمرة صاحب الشجرة نصفها فوجهان بناء على اشتراط القطع هنا ولو كانت الأشجار والثمار مشتركة بين رجلين فاشترى أحدهما نصيب شريكه من الثمرة لم يصح‏.‏

ولو اشترى نصيب شريكه من الثمرة بنصيبه من الشجر لم يجز مطلقاً ويجوز بشرط القطع لأن جملة الثمار تصير لمشترى الثمرة وجملة الشجر للآخر ويلزم مشترى الثمرة قطع الجميع لأنه بهذه المعاملة التزم قطع النصف المشترى وتفريغ الأشجار لصاحبه وبيع الشجرة على أن يفرغها البائع جائز‏.‏

وكذا لو كانت الأشجار لأحدهما والثمرة بينهما فاشترى صاحب الشجر نصيب صاحبه من الثمر بنصف الشجر على شرط القطع جاز‏.‏

فرع بيع الزرع الأخضر لا يصح بيع الزرع الأخضر إلا بشرط القطع فإن باعه مع الأرض جاز تبعا وكذا لا يجوز بيع البقول في الأرض دون الأرض إلا بشرط القطع أو القلع سواء كان مما يجز مراراً أو لا يجز إلا مرة هكذا نقله صاحب التهذيب وغيره في البقول وقال الغزالي بيع أصول البقول لا يتقيد بشرط القطع إذ لا تتعرض للآفة وبيع الزرع بعد اشتداد حبه كبيع الثمر بعد صلاحه فلا يحتاج إلى شرط القطع‏.‏

فرع شرط ظهور المقصود يشترط ظهور المقصود فإذا باع ثمرة لا كمام لها كالتين والعنب والكمثرى جاز سواء باعها على الشجرة أو على الأرض‏.‏

ولو باع الشعير أو السلت مع سنبله جاز بعد الحصاد وقبله لأن حباته ظاهرة‏.‏

ولو كانت للثمر أو الحب كمام لا يزال إلا عند الأكل كالرمان والعلس فكمثل وأما ما له كمامان يزال أحدهما ويبقى الآخر إلى وقت الأكل كالجوز واللوز والرانج فيجوز بيعه في القشر الأسفل ولا يجوز في الأعلى لا على الشجر ولا على الأرض وفي قول يجوز في القشر الأعلى ما دام رطباً‏.‏

وبيع الباقلاء في القشر الأعلى فيه هذا الخلاف وادعى إمام الحرمين أن الظاهر فيه الصحة لأن الشافعي رضي الله عنه أمر أن يشترى له الباقلاء الرطب‏.‏

قلت‏:‏ المنصوص في الأم أنه لا يصح بيعه قال صاحب التهذيب وغيره هو الأصح وبه قطع صاحب التنبيه‏.‏

هذا إذا كان الجوز واللوز والباقلاء رطباً فإن بقي في قشره الأعلى فيبس لم يجز بيعه وجها واحدا إذا لم نجوز بيع الغائب كذا قاله الإمام وصاحب التهذيب وغيرهما‏.‏

وحكى فيه صاحب التتمة وجها أنه يصح وإن أبطلنا بيع الغائب ويصح بيع طلع النخل مع قشره في الأصح والله أعلم‏.‏

وأما ما لا يرى حبه في سنبله كالحنطة والعدس والسمسم فما دام في سنبله لا يجوز بيعه مفرداً عن سنبله قطعا ولا معه على الجديد الأظهر كبيع تراب الصاغة وكبيع الحنطة في تبنها فإنه لا يصح قطعاً‏.‏

وفي الأرز طريقان المذهب أنه كالشعير فيصح بيعه في سنبله‏.‏

وقيل‏:‏ كالحنطة ولا يصح بيع الجزر والثوم والبصل والفجل والسلق في الأرض لتستر مقصودها ويجوز بيع أوراقها الظاهرة بشرط القطع ويجوز بيع القنبيط في الأرض لظهوره وكذا نوع من السلجم يكون ظاهراً ويجوز بيع اللوز في القشر الأعلى قبل انعقاد الأسفل لأنه مأكول كله كالتفاح وهل المنع في صور الفرع مقطوع به أم مفرع على منع بيع الغائب قال الإمام هو مفرع عليه فإن جوزنا بيع الغائب صح البيع في جميعها وفي التهذيب أن المنع في بيع الجزر ونحوه في الأرض ليس مفرعاً عليه لأن في بيع الغائب يمكن رد المبيع بعد الرؤية بصفته وهنا لا يمكن‏.‏

قلت‏:‏ هذا أصح ونقله الماوردي عن جمهور الأصحاب ونقل عن بعضهم كقول إمام الحرمين في الجزر ونحوه والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا بالمنع فباع الجوز مثلاً في القشر الأعلى مع الشجرة أو باع الحنطة في سنبلها مع الأرض فطريقان أحدهما يبطل في الجوز والحنطة وفي الشجرة والأرض قولا تفريق الصفقة وأصحهما القطع بالبطلان ي الجميع للجهل بأحد المقصودين وتعذر التوزيع ولو باع أرضاً مبذورة مع البذر فقيل يصح في البذر أيضاً تبعاً للأرض والمذهب بطلان البيع فيه ثم في الأرض الطريقان ومن قال بالصحة في الأرض لا يذهب إلى التوزيع بل يوجب جميع الثمن بناء على قولنا في تفريق الصفقة بأخذ جميع الثمن‏.‏

وهو أن يبيع الحنطة في سنبلها بكيل معلوم من الحنطة‏.‏

ولبطلانه علتان إحداهما أنه بيع حنطة وتبن بحنطة وذلك رباً والثانية أنه بيع حنطة في سنبلها فلو باع شعيراً في سنبله بحنطة خالصة وتقابضا في المجلس أو باع زرعاً قبل ظهور الحب بحب جاز لأن الحشيش غير ربوي‏.‏

 فصل حكم بيع الرطب بالخرص

قد سبق أنه لا يجوز بيع الرطب بالتمر ويستثنى منه بيع فإنه جائز وهو أن يبيع رطب نخلة أو نخلات باعتبار الخرص بقدر كيلها من التمر ولا يصح إلا بالخرص‏.‏

ويشترط التقابض في المجلس بتسليم التمر إلى البائع بالكيل وتخلية البائع بينه وبين النخلة فإن كان التمر غائباً عنهما أو كانا غائبين عن النخل فأحضراه أو حضرا عند النخل جاز ثم إن لم يظهر تفاوت بين التمر المجعول عوضاً وبين ما في الرطب من التمر بأن أكيل الرطب في الحال فذاك وإن ظهر نظر فإن كان قدر ما يقع بين الكيلين لم يضر وإن كان أكثر فالعقد باطل وفي وجه ضعيف يصح في قدر القليل من الكثير ولمشترى الكثير الخيار ويجوز بيع العرايا في العنب كالرطب ولا يجوز في سائر الثمار على الأظهر ويجوز فيما دون خمسة أسوق من التمر لا فيما زاد على الخمسة قطعاً ولا في خمسة على الأظهر هذا إذا باع في صفقة فلو باع قدرا كثيرا في صفقات لا تزيد كل واحدة على ما ذكرنا جاز وكذا لو باع في صفقة لرجلين بحيث يخص كل واحد القدر الجائز فلو باع رجلان لرجل فوجهان أصحهما أنه كبيع رجل لرجلين والثاني كبيعه لرجل صفقة ولو باع رجلان لرجلين صفقة لم يجز فيما زاد على عشرة أوسق ويجوز فيما دون العشرة وفي العشرة القولان‏.‏

قلت‏:‏ وسواء في هذه الصور كانت العقود في مجلس أو مجالس حتى لو باع رجل لرجل ألف وسق في مجلس واحد بصفقات كل واحدة دون خمسة أوسق جاز والله أعلم‏.‏

وجميع ما ذكرنا في بيع الرطب بالتمر فلو باع رطباً على النخل برطب على النخل خرصاً فيهما أو برطب على الأرض كيلاً فيه فأوجه أصحها لا يجوز قاله الاصطخري والثاني يجوز قاله ابن خيران والثالث إن اختلف نوعهما جاز وإلا فلا قاله أبو إسحق والرابع جريان هذا التفصيل إن كانا على النخل فإن كان أحدهما على الأرض لم يجز حكي أيضاً عن أبي إسحق ولو باع الرطب بالرطب على الأرض لم يصح على المذهب وبه قطع الجمهور وقال القفال فيه هذا الخلاف لأنه إذا جاز البيع وهما على النخل وإحتملت جهالة الخرص فالجواز مع تحقق المساواة بالكيل أولى‏.‏

يجوز بيع العرايا للمحتاجين وفي الأغنياء قولان أظهرهما الجواز‏.‏

 فصل بيع التمرة بعد الصلاح

إذا باع الثمرة بعد بدو الصلاح لزمه سقيها قبل التخلية وبعدها بقدر ما تنمى به الثمار وتسلم من التلف والفساد فلو شرط كون السقي على المشترى بطل البيع ثم المشترى يتسلط على التصرف في الثمرة بعد تخلية البائع بينه وبينها من كل وجه فإن عرضت جائحة من حر أو برد أو جراد أو حريق أو نحوها قبل التخلية فهي من ضمان البائع فإن تلف جميع الثمار انفسخ البيع وإن تلف بعضها انفسخ فيه وفي الباقي قولا التفرق وإن عرضت بعدها فإن كان باعها بعد بدو الصلاح فقولان الجديد الأظهر أن الجوائح من ضمان المشترى والقديم أنها من ضمان البائع ولا فرق على القولين بين أن يشرط القطع أم لا وقيل إن شرطه كانت من ضمان المشترى قطعا لتفريطه ولأنه لا علقة بينهما إذ لا يجب السقي على البائع هنا وحكي هذا عن القفال وقيل إن شرطه كانت من ضمان البائع قطعاً لأن ما شرط قطعه فقبضه بالقطع والنقل فقد تلفت قبل القبض‏.‏

ويتفرع على كونها من ضمان البائع فروع‏.‏

أحدها‏:‏ أن المحكوم بكونه من ضمان البائع ما تلف قبل وقت الجداد أما ما تلف بعد وقت الجداد وإمكان النقل فمن ضمان المشترى على الأظهر وقيل على الأصح لتقصيره وعلى الثاني من ضمان البائع لعدم التسليم التام الإمام وهذا الخلاف إذا لم يعد مقصراً مضيعاً بتأخيره كاليوم واليومين فإن عد فلا مساغ للخلاف‏.‏

الثاني‏:‏ لو تلف بعض الثمر فالحكم على هذا القول كما لو تلف قبل التخلية ولو عابت الثمرة بالجائحة ثبت الخيار على هذا القول كما لو عابت قبل التخلية وعلى الجديد لا يثبت‏.‏

الثالث‏:‏ لو ضاعت الثمرة بغصب أو سرقة فالمذهب أنها من ضمان المشترى وبه قطع الأكثرون وقيل على القولين في الجائحة وبه قطع العراقيون‏.‏

قلت‏:‏ إذا قلنا بالقديم فاختلفا في الفائت بالجائحة فقال البائع ربع الثمرة وقال المشترى نصفها فالقول قول البائع لأن الأصل براءة ذمته وعدم الهلاك قال في التتمة لو اختلفا في وقوع الجائحة فالغالب أنها لا تخفى فإن لم تعرف أصلا فالقول قول البائع بلا يمين وإن عرف وقوعها عاماً فالقول قول المشترى بلا يمين وإن أصابت قوما دون قوم فالقول قول البائع بيمينه لأن الأصل عدم الهلاك ولزوم الثمن‏.‏

والله أعلم‏.‏

هذا الذي ذكرناه من القولين هو في الجوائح السماوية التي لا تنسب إلى البائع بحال فأما إن ترك السقي وعرضت في الثمار آفة بسبب العطش فإن تلفت فالمذهب القطع بانفساخ العقد وقيل فيه القولان كالسماوية فإن قلنا لا انفساخ لزم البائع الضمان بالقيمة أو المثل وإنما يضمن ما تلف ولا ينظر إلى ما كان ينتهي إليه لولا العارض وإن تعيبت فللمشترى الخيار وإن قلنا الجائحة من ضمانه لأن الشرع ألزم البائع تنمية الثمار بالسقي فالتعيب الحادث بترك السقي كالعيب المتقدم على القبض وإن أفضى التعيب إلى تلف نظر إن لم يشعر به المشترى حتى تلف عاد الخلاف في الانفساخ ولزم البائع الضمان إن قلنا لا انفساخ ولا خيار بعد التلف كذا قاله الإمام وإن شعر به ولم يفسخ حتى تلف فوجهان أحدهما يغرم البائع لعدوانه والثاني لا لتقصير المشترى بترك الفسخ‏.‏

فرع باع الثمر مع الشجر فتلف الثمر بجائحة قبل التخلية بطل العقد فيه وفي الشجر القولان وإن تلف بعد التخلية فمن ضمان المشتري بلا خلاف‏.‏

قلت‏:‏ ولو كانت الثمرة لرجل والشجر لآخر فباعها لصاحب الشجرة وخلى بينهما ثم تلفت فرع اشترى طعاماً مكايلة وقبضه جزافاً فهلك في يده ففي انفساخ البيع وجهان لبقاء الكيل بينهما‏.‏

فرع من العوارض اختلاط الثمار المبيعة بغيرها لتلاحقها فأما الاختلاط الذي يبقى معه التمييز فلا اعتبار به وأما غيره فإذا باع الثمرة بعد بدو الصلاح والشجرة تثمر في السنة مرتين نظر إن كان ذلك مما يغلب التلاحق فيه وعلم أن الحمل الثاني يختلط بالأول كالتين والبطيخ والقثاء والباذنجان لم يصح البيع إلا أن يشرط أن المشترى يقطع ثمرته عند خوف الاختلاط وفي قول أو وجه أنه موقوف فإن سمح البائع بما حدث تبين انعقاد البيع وإلا فلا ثم إذا شرط القطع فلم يتفق حتى اختلط فهو كالتلاحق فيما يندر وإن كان مما يندر فيه التلاحق وعلم عدم الاختلاط أو لم يعلم كيف يكون الحال فيصح البيع مطلقاً وبشرط القطع والتبقية ثم إن حصل الاختلاط فله حالان‏.‏

أحدهما‏:‏ أن يحصل قبل التخلية فقولان أحدهما ينفسخ البيع لتعذر التسليم قبل القبض وأظهرهما لا لبقاء عين المبيع فعلى هذا يثبت للمشترى الخيار وفي قول ضعيف لا خيار والاختلاط قبل القبض كهو بعده ثم إن سمح البائع بترك الثمرة الجديدة للمشترى سقط خياره على الأصح كما سبق في نعل الدابة وإن باع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط القطع فلم يتفق القطع حتى اختلطت جرى القولان في الانفساخ ويجريان فيما إذا باع حنطة فانصب عليها مثلها قبل القبض وكذا في المائعات وإن اختلط الثوب بأمثاله أو الشاة المبيعة بأمثالها فالصحيح الانفساخ وفي وجه لا لإمكان تسليمه بتسليم الجميع ولو باع جزة من القت بشرط القطع فلم يقطعها حتى طالت وتعذر التمييز جرى القولان وقيل لا ينفسخ هنا قطعا تشبيها لطولها بكبر الثمرة والشجرة وبنماء الحيوان وهو ضعيف لأن البائع يجبر على تسليم الأشياء المذكورة بزيادتها وهنا لا يجبر على تسليم ما زاد‏.‏

الحال الثاني‏:‏ أن يحصل الاختلاط بعد التخلية فطريقان أحدهما القطع بعدم الانفساخ وأصحهما عند الجمهور أنه على القولين فإن قلنا لا انفساخ فإن تصالحا وتوافقا على شيء فذاك وإلا فالقول قول صاحب اليد في قدر حق الآخر ولمن اليد في صورة الثمار فيه أوجه أحدها للبائع والثاني للمشتري والثالث لهما وفي صورة الحنطة للمشترى فإن كان المشترى أودعه الحنطة بعد القبض ثم اختلطت فالقول قول البائع‏.‏

فرع باع شجرة عليها ثمرة للبائع وهي مما تثمر في السنة مرتين ويغلب تلاحقها لا يصح البيع إلا بشرط قطع البائع ثمرته عند خوف الاختلاط ويجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا كان المبيع هو الثمرة ثم إذا تبايعا بهذا الشرط فلم يتفق القطع حتى اختلطا أو كانت الشجرة مما يندر فيها التلاحق والاختلاط فاتفق وقوعه فطريقان قال الأكثرون في الانفساخ القولان وقيل لا انفساخ قطعاً فإن قلنا لا انفساخ فسمح البائع بترك الثمرة القديمة أجبر المشترى على القبول وإن رضي المشترى بترك الثمرة الحادثة أجبر البائع على القبول وأقر العقد ويحتمل خلاف في الإجبار فإن استمرا على النزاع فالمثبتون للقولين قالوا يفسخ العقد والقاطعون قالوا لا فسخ بل أيهما كانت الثمرة والشجرة في يده فالقول قوله في قدر ما يستحقه الآخر‏.‏

قال في التهذيب هذا هو القياس لأن الفسخ لا يرفع النزاع لبقاء الثمرة الحادثة للمشتري‏.‏

وإن قلنا بالانفساخ استرد المشترى الثمن ورد الشجرة مع جميع الثمار قاله في التتمة‏.‏